تعرف على فضل إفطار الصائم في الفروض أو النوافل | رحابة

١٦ ديسمبر ٢٠٢٥
جمعية رحابة
تعرف على فضل إفطار الصائم في الفروض أو النوافل | رحابة

يمضي الصائم ساعات نهاره بثبات وتحمل، حتى إذا حان وقت الإفطار شعر بقيمة الراحة التي تلي التعب، وبجمال اللحظة التي تكتمل بها عبادته، ويصبح في هذه اللحظة تقديم الطعام أو الماء لصائم متعب عملًا يحمل من الرحمة ما يجعل صاحبه شريكًا في الأجر، ومساندًا لمن أتم صيامه على طاعة.


فإفطار الصائم هو مشاركة في عبادة تُعظِّم الثواب وتفتح بابًا واسعًا من الخير، وفي هذا المقال سنتعرف على فضل افطار الصائم​، وأنواعه، وأثره على الصائم والمتصدق.


ما هي أنواع الصيام؟

يأتي الصيام في الإسلام على ثلاثة أنواع رئيسية، تختلف أحكامها ووقتها وأسباب أدائها، لكنها تتشابه جميعها في معنى التعبد والصبر وتهذيب النفس، ولكل نوع خصوصيته التي تجعل ثواب إفطار الصائم مرتبطًا بحال الصائم وما يبذله من جهد في يومه، وتتمثل هذه الأنواع فيما يلي:


صيام الفرض

وهو الصيام الذي فرضه الله على المسلمين ولا يجوز تركه إلا بعذر شرعي، ويأتي في مقدمته صيام شهر رمضان الذي يؤديه المسلمون كل عام بنية الامتثال لأمر الله والصبر على الجوع والعطش طوال ساعات النهار.


ويشمل هذا النوع أيضًا صيام الأيام التي يقضي بها المسلم ما فاته من رمضان لمرض أو سفر، فيصومها في أوقات أخرى حتى يُبرأ ذمته، ويحتاج صائم الفرض إلى طاقة كبيرة ليكمل يومه، خاصةً في الحر الشديد أو مع كل من يعمل ساعات طويلة؛ ولهذا يكون إفطار صائم الفرض من أعظم الأعمال التي يُرجى بها الأجر؛ لأن المتبرع يخفف عن صائم يؤدي عبادة مفروضة لا يملك تركها.


الصيام الواجب

يأتي الصيام الواجب في الشريعة كنوع من العبادات التي يلتزم بها المسلم عندما يرتبط الصوم بسببٍ خاص؛ فيصبح تأديته حقًا لازمًا لا يكتمل بر المؤمن إلا بالوفاء به، ويختلف هذا النوع عن صيام رمضان؛ لأن سببه لا يكون عامًا لجميع المسلمين، بل يرتبط بحالات شخصية تستوجب الصيام لتحقيق التكفير أو الوفاء أو القضاء، ويظهر الصيام الواجب في صور متعددة، منها:


صيام الكفارات

وهو الصوم الذي يُشرع للتكفير عن أمر وقع من المسلم، مثل أن يتلفّظ بيمين ثم يخالفه، أو يقصر في أمر يستوجب الجبر، وفي بعض أحكام الكفارة يلجأ المسلم للصيام عندما لا يستطيع الإطعام أو الكسوة؛ فيلتزم بصيام أيام محددة تتفاوت بحسب نوع الكفارة، ويعد هذا الصيام بابًا لإصلاح التقصير وتجديد التوبة.


صيام النذر

عندما يعاهد المسلم ربه على صيام يوم أو أيام عند تحقق أمر معين، يصبح الوفاء بالنذر واجبًا عليه، ويُعد صيام النذر من العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله وفاءً بما ألزم نفسه به؛ ولهذا يلتزم المسلم به بمجرد تحقق الشرط الذي ربطه بالنذر.


صيام القضاء

وهو الصيام الذي يُؤدَّى بدل الأيام التي أفطرها المسلم في رمضان لعذر كالسفر أو المرض، ويُصام القضاء بعد رمضان في أي وقت يستطيع فيه المسلم أداء الصيام، حتى تبرأ ذمته ويكمل ما فاته من الفريضة.


صيام التطوّع (النافلة)

وهو الصيام الذي يؤديه المسلم باختياره دون إلزام، طمعًا في الأجر وزيادةً في الطاعة، ويدخل فيه العديد من الأيام المستحبة على مدار العام، ويتميز صيام التطوّع بأنه باب واسع لمن يريد التقرّب إلى الله، حيث يكون إفطار صائم النافلة من أعظم صور التشجيع على الطاعة.


وخاصةً حين يُقدَّم لصائم أمضى يومه على نية الخير دون وجوب، فكانت مشاركته في الإفطار دعمًا لنية صادقة وامتثالًا طيبًا لرغبة في الطاعة؛ ومن أشهر هذه الأنواع:

  • صيام يوم عرفة لغير الحاج.
  • صيام يوم عاشوراء وتاسوعاء.
  • صيام الست من شوال.
  • صيام الاثنين والخميس.
  • صيام الأيام البيض من كل شهر هجري (13 و14 و15).


فضل إفطار الصائم

يحمل إفطار الصائم معنى رحيمًا يصل إليه في لحظة تعب حقيقية بعد يوم طويل من الصوم؛ فتكون لقمة الإفطار أو شربة الماء مشاركة صادقة في عبادة عظيمة، ومن يفطر صائمًا ينال أجرًا واسعًا وعد الله به، لأنّه خفّف عن صائم وأعانه على إتمام صومه براحة وطمأنينة، وسنوضح لك الآن فضل إفطار الصائم​:


أولا: فضل إفطار الصائم في رمضان

فضل افطار صائم في رمضان​ من أعظم أبواب الأجر؛ لأن الصائم يقضي نهاره في مشقة وامتناع وتحمّل، فينتظر لحظة الإفطار وقد أنهكه التعب وأرهقه العطش، وفي تلك اللحظة يكون تقديم الطعام أو الماء عملًا يخفف عنه ويعينه على إتمام عبادته؛ مما يجعل المتبرع شريكًا في أجر الصائم دون أن ينقص من أجره شيء.


وقد دلت السنة على هذا الفضل العظيم، حيث يرتبط إفطار الصائم بالثواب المضاعف وبإدخال السرور على من قضى يومًا كاملًا في طاعة مفروضة، ويزداد هذا الثواب كلما كانت المشقة أكبر، سواء في أيام الحر أو مع الفئات التي تواجه صعوبة في الصوم مثل العمّال أو كبار السن القادرين على الصيام رغم ضعفهم.


وفي مثل هذه الحالات يصبح إفطار الصائم عملًا يحمل رحمة صادقة، ويجمع بين معنى الإطعام ومساعدة مسلم على عبادة أداها بصدق واحتساب، وهي من أجمل صور البذل التي يفيض بها شهر رمضان.


ثانيا: فضل إفطار صائم في الحرم

يحمل إفطار صائم بالحرم منزلة خاصة عند الله؛ لأن المكان نفسه يضاعف الأجر ويرفع قدر العمل؛ فالصائم في الحرم يبذل جهدًا مضاعفًا؛ حيث يجتمع عليه تعب الصوم مع طول الحركة في الساحات، وحرارة الجو، والزحام الذي يزداد وقت الصلاة والطواف والسعي.


وعندما يتلقى هذا الصائم إفطاره في لحظة احتياج حقيقية؛ فإن أثر الإحسان يصل إليه بصدق، ويكون ثواب المتبرع فيه أعظم من غيره بسبب شرف المكان وبركته.


ولأن الحرم مقصد المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها؛ فإن إفطار الصائم فيه يتحول إلى خدمة لضيوف الرحمن، وهو عمل حثت عليه الشريعة واعتبرته من أشرف أعمال البر.


فلقمة تُقدم لصائم في الحرم قد تكون سببًا في أن يرفع الصائم يديه بالدعاء لمن أفطره، ودعاء الحاج والمعتمر في تلك البقاع أرجى للإجابة وأقرب للقبول؛ ولهذا يُعد إفطار الصائم في الحرم من الأعمال التي يجتمع فيها فضل المكان وفضل الزمان وفضل العمل، فيُفتح بها باب واسع من الأجر لمن قدّمها بإخلاص.


ثالثا: فضل إفطار الصائم على المتبرع

لا ينعكس فضل إفطار الصائم على الصائم وحده، بل يمتد أثره إلى قلب المتبرع نفسه؛ فيمنحه شعورًا بالطمأنينة والسكينة لأنه شارك في تخفيف مشقة عن مسلم في وقت احتياج، ويفتح هذا العمل للمتبرع بابًا من الأجر يجمع بين ثواب الإطعام، وفضل إدخال السرور على الصائم، ومشاركة حقيقية في عبادة من أعظم العبادات.


وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من فطر صائمًا نال مثل أجره؛ مما يجعل هذا العمل من أوسع أبواب البر التي يصل ثوابها إلى العبد دون مشقة كبيرة.


ويتضاعف أثر هذا العطاء في نفس المتبرع مع كل لحظة يقدَّم فيها الإفطار لصائم،؛ لأنه يرى أثر عمله على من يقف أمامه متعبًا ينتظر وقت الإفطار بلهفة.

وقد يكون هذا الصنيع سببًا في دعاء صادق يرفعه الصائم في تلك اللحظة، والدعاء في وقت الإفطار من أرجى الأوقات للقبول. وهكذا يجتمع للمتبرع أجر الصدقة، وأجر تفريج الكرب، وبركة الدعاء، بل ويكتب الله له ثواب الصائم نفسه، فيكون هذا العمل بابًا يفتح للمتصدق خيرًا واسعًا لا ينقطع.


الأحاديث الدالة على فضل إفطار الصائمين

ورد في السنة النبوية ما يبيّن الفضل العظيم لإفطار الصائم؛ فجُعِلت هذه العبادة من الأعمال التي يضاعف الله بها الأجر ويكتب بها لصاحبها ثوابًا واسعًا، ومن أوضح ما جاء في ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أهل السنن، وفيه يقول عليه الصلاة والسلام: «مَن فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجرِه غير أنه لا ينقصُ من أجرِ الصائمِ شيءٌ» رواه الترمذي (807) وابن ماجه (1746)، وهو حديث حسن صحيح.


ويدل هذا الحديث على أن من يقدّم للصائم طعامًا أو شرابًا وقت الإفطار يصبح شريكًا له في أجر الصيام، دون أن ينقص من أجر الصائم شيء؛ مما يفتح أمام المسلم بابًا من الخير يستطيع دخوله بأبسط عمل.


وجاء في السنة أيضًا ما يبيّن فضل لحظة الإفطار وما تحمله من قبول الدعاء؛ فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر قال: «ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله» رواه أبو داود (2357).

وتدل هذه الكلمات على عِظم لحظة الإفطار وثبوت الأجر للصائم، وهو ما يزيد من فضل من يعين صائمًا على إتمام يومه.


كما تضم السنة أحاديث عامة في فضل إطعام الطعام، وهو من أوسع أبواب البر، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناسُ أفشوا السلامَ، وأطعموا الطعامَ، وصِلُوا الأرحامَ، وصلُّوا بالليل والناسُ نيام، تدخلوا الجنةَ بسلام» رواه الترمذي (2485) وقال حديث حسن صحيح.

ويدخل تحت هذا العمل إفطار الصائمين، لأنه من أوضح صور إطعام المحتاج في وقت حاجته.


كيف تساعد جمعية رحابة في إفطار الصائمين؟

تحرص جمعية رحابة على أن يجد الصائم لحظة إفطاره جاهزة أمامه أينما كان؛ لذلك تعمل فرقها الميدانية على توزيع الماء والتمر ووجبات الإفطار في المواقع التي يرتفع فيها الاحتياج داخل الحرمين والمشاعر.


ويتم تجهيز نقاط الإفطار بعناية قبل وقت المغرب، بحيث تصل الوجبات للصائمين في أماكن انتظار الصلاة، وفي الساحات، وعلى مسارات الحركة التي يمرّ بها الحجاج والمعتمرون مع تعب اليوم وحرارته.


وتتابع فرق رحابة عملية الإفطار طوال اليوم؛ فتتنقل بين المواقع وتقدم الطعام والماء للصائمين بطريقة محترمة ولطيفة، تراعي فيها قدسية المكان وراحة من يتلقى العطاء.


وكل تبرع يصل للجمعية يتحول مباشرةً إلى وجبة يمدّ بها صائم يوشك على الإفطار؛ ليشعر المتبرع بأن أثر عطائه وصل في لحظته الصحيحة، وتحول إلى راحة تُمنح لضيوف الرحمن بعد يوم من الصبر والعبادة، وهكذا تمكّن جمعية رحابة أكبر عدد من الصائمين من الحصول على إفطارهم بسهولة؛ فيتحول عمل بسيط مثل تقديم ماء أو تمر إلى أثر حقيقي له ثقله في ميزان من قدّمه ومن تلقّاه.


كيف يمكن الجمع بين ثواب إفطار الصائمين والتصدق؟

يستطيع المسلم أن يجمع بين ثواب إفطار الصائم وثواب الصدقة في عمل واحد إذا نوى عند تقديم الطعام أنه يفطّر صائمًا ويتصدق في الوقت نفسه؛ فالعمل الواحد يمكن أن تتعدد فيه النيات ما دام محققًا لشروط العبادة.


فإذا قدّم المسلم وجبة أو ماءً لصائم وقت الإفطار بنية تفطيره وبنية الصدقة، كتب الله له أجر الصدقة وأجر من فطر صائمًا دون أن ينقص من أجر الصائم شيء، ويتحقق الجمع بين الثوابين بصورة أوضح عندما يكون الإفطار موجّهًا لمن يحتاجه بالفعل؛ كالعامل المتعب، أو المسافر، أو الحاج الذي يجتمع عليه الصوم مع مشقة الحركة في المشاعر.


وفي هذه الحالات تصبح الصدقة إفطارًا للصائم في وقت حاجته، فيجتمع للمتبرع أجر الإطعام، وفضل إدخال السرور، وثواب تفطير صائم، وثواب صدقة تصيب موضعها الصحيح.


الخلاصة

يبقى فضل افطار الصائم​​ من الأعمال التي تجتمع فيها الرحمة مع العطاء، ويصل أثرها مباشرةً إلى من ينتظر لحظة الإفطار بعد يوم طويل من الصوم؛ فكل وجبة أو شربة ماء تُقدم لصائم تحمل معنى الإعانة على العبادة، وتفتح بابًا واسعًا من الثواب لمن قدّمها، خاصةً إذا كانت في مواضع يشتد فيها الاحتياج مثل الحرم والمشاعر.


ويصبح الوصول لهذا الخير أقرب وأسهل مع مبادرات السقيا والوفادة التي تنفذها جمعية رحابة، ويتحول العطاء الفردي إلى أثر حقيقي يلامس قلوب الصائمين ويكتب لصاحبه أجرًا لا ينقطع بإذن الله.


الأسئلة الشائعة

في هذا الجزء نركز على عدد من الأسئلة الشائعة مثل أدلة فضل الصيام من السنة النبوية، وبركات الإفطار، وهل يعد إفطار الصائمين بمثابة صدقة أم لا.


ماذا قال النبي عن افطار الصائم؟

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثٌ واضح في بيان فضل هذا العمل، حيث قال: «مَن فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجرِه غير أنه لا ينقصُ من أجرِ الصائمِ شيءٌ».


وهو حديث حسن صحيح. ويدل هذا الحديث على أن من قدم طعامًا أو شرابًا للصائم وقت الإفطار نال أجرًا يعادل أجر الصوم؛ فيتحول هذا العطاء إلى باب واسع من الثواب، خاصةً إذا صادف احتياجًا حقيقيًا.


ما هي بركات الإفطار؟

يجمع إفطار الصائم عدة بركات؛ فهو من أعمال الإحسان التي يحبها الله، وسبب في إدخال السرور على الصائم بعد يوم من التعب، ويكون موطنًا لدعاء الصائم الذي تُرجَى إجابته عند الإفطار، كما أن هذا العمل يُليّن القلوب ويُعمق روح المودة بين الناس، ويجعل المتصدق شريكًا في عبادة عظيمة دون أن يتحمل مشقتها.


هل إفطار الصائم صدقة؟

نعم، يُعد إفطار الصائم صدقة يصل ثوابها مباشرةً إلى صاحبها؛ لأنه يتضمن إطعام الطعام ومساعدة مسلم في وقت حاجته. وإذا نوى المتبرع بالوجبة أنها صدقة وإفطار صائم في وقت واحد، جمع الله له ثواب الصدقة وثواب التفطير معًا، وتزداد قيمة هذه الصدقة عندما تكون للصائمين المحتاجين أو للحجاج في لحظة تعب أو زحام.